samedi 20 décembre 2008

الحبيب الحمدوني: منتظر بين من انتظره ومن لم ينتظره

لماذا لم تفعل فعلتك هذه يا منتظر سوى الآن؟ انتظرناك أن تفعلها منذ أن كشر بوش عن أنياب التوحش تجاه العرب وتجاه الإنسانية جمعاء. أنت وحدك صاحب القرار. وقررت أن تضربه الآن وليس في أي وقت مضى. وقرارك صائب الصواب كله ذلك انك أردت أن توسّم بوش في نهاية خدمته. والمعروف أن النياشين والأوسمة لا تعطى إلا حين يتم الانتهاء من المهمة. وبوش أنهى مهمته في تدمير بلدك وتفتيته و إحكام القبضة على خيراته.

إذن، التوسيم جاء في وقته المضبوط. وهو توسيم من نوع خاص جدا. توسيم أبدعته أنت يا منتظر وأحرزت فيه قصب السبق دون سواك. لم تعطه ميدالية . لم تسند إليه شهادة. لم تعلق على كتفه نحاسة. لم تضع على جبينه وردة. لم تقبل خده. لم تعانقه. لم تمدحه. لم تشكره. لم ترفعه على الأكتاف. لم تفعل شيئا مما بفعله موزعو الأوسمة والنياشين. وسامك حضاري جدا ولطيف جدا وإنساني جدا. لم توجه إليه مسدسا . لم تطلق عليه النار. لم تطعنه بخنجر. لم تذبحه بسكين. فردتا حذائك قذفتهما نحو وجهه لا أكثر ولا أقل. لم تصبه بأي أذى مادي. لكنك أصبته في المقتل الذي لن يمحوه الزمان مهما طال، مقتل الكبرياء والغرور والشموخ الزائف والذات المتضخمة فعفّرتها في التراب وجعلت نعلك سيدا عليها. والنعل دوما رمز للتافه والمحتقر. وإذا ساد التافه والمحتقر فالمسود هو ضرورة أوطأ وأحقر وأكثر خسة من السيد. وهل أكثر مقتلا لبوش من أن يكون أتفه من نعلك؟ المناهضون للحرب بحّت حناجرهم للمطالبة بمحاكمته كمجرم في حق الإنسانية بلا طائل. أنت يا منتظر حددت وحدك التهمة وقدمت قرائن الجريمة و أصدرت الحكم ونفذته ولم تضيّع وقتك في انتظارعدالة قد تأتي وقد لا تأتي. فعلت كل هذا دون أن تقيم محكمة ودون أن تدخله السجن ودون أن تمسّ بدنه بسوء. كل هذا بفردتي حذاء حقيرتين رجمته بهما. فكان لفعلتك التأثير الكبير إذ جسّدت تجسيدا عظيما معنى الاحتقار والازدراء وعدم الاعتبار. فنزّلت بوش من عليائه كرئيس أكبر قوة في العالم ووضعته في صورة "أحقر ما يكون عليه إنسان حقير" على حد تعبير" السياب" وجعلته أضحوكة للأولين والآخرين.

أقول لك، نحن محبي العدل والحرية،انتظرناك أن توسم بوش بالطريقة التي وسمته بها منذ أن وجّه أول قنبلة إلى وسط بغداد وأسال بها دماء الأبرياء. بوش وحده وأعوانه وكل من لف لفه لم يتوقعوا مثل هذا الوسام لأن الغرور أعماهم والجبروت أصمّهم. هم وحدهم صدقوا أنه حرر العراق وأعمره وخلص شعبه من الديكتاتورية ونشر الديمقراطية وأنهى للعراقيين دينهم وأتم عليهم نعمته.

لذلك جاء بوش إلى العراق وهو ينتظر أن يحتفى به كبطل مغوار ويستقبل بالطبلة والمزمار عرفانا له بجميل القضاء على المفسدين والأشرار وتحقيق الرخاء والاستقرار. ما كان ليدور بخلده أبدا أن يجدك أنت في انتظاره يا منتظر لتهديه ذلك الوسام الفريد البديع. لو لم يكن غبيّا لفهم أن اسمك كيفما قلبته دال على أنك تتربص به لتمنحه وسامك الذي تريد. فإذا كان اسمك اسم مفعول (بفتح الظاء ) فمعنى ذلك أن جميع المقهورين ينتظرونك لتنجز المهمة التي أنجزتها تجاه بوش وتنفس عن مكبوتا تهم وتحقق لهم ما كانوا يتمنونه ووجدوا أنفسهم عاجزين عنه. وإذا كان اسمك اسم فاعل (بكسر الظاء ) فذلك يعني أنك كنت أنت نفسك تنتظره منذ أن اعتدى على إخوانك وعلى بلدك وأن ما فعلته كان عن تصميم مسبق وليس وليد لحظته أو من وحي ساعته.

ولا أظن يا منتظر أباك إلا نبيا. فاسم منتظر قصده أبوك قصدا وعمد إليه عمدا. فمنذ أن سمع أول صرختك وزغاريد النسوة الملتفات بأمك وعرف جنسك اختار لك بصورة واعية اسم منتظر. فقد يكون تنبأ انه سيأتي يوم ويعاد فيه احتلال العراق لأن المحتلين الأولين، أي الإنقليز، حين إضطروا إلى مغادرة العراق والتسليم لأهله باستقلاله ظلت أعينهم مشرئبة نحوه ونحو خيراته. وأدرك أبوك بحس نبوّته أنهم سيتربصون، هم أو سلالاتهم، الفرصة للعودة من جديد. وحين يعودون ويهدأ لهم احتلالهم وبسط نفوذهم سيأتي رئيسهم آملا في التكريم فيجدك أنت في انتظاره لتكرمه على طريقتك الفذة وتلقنه درسا لا ينساه هو وغيره من المستبدين فتثأر للكرامة المهدورة والشرف المطعون. وبالفعل لم تخيّب أمل أبيك. ولم تخيّب أمل كل من ذاق أذى بوش من الضعفاء المظلومين. ولم تخيّب أمل أنصار الحرية حيث ما كانوا. فكنت يا منتظر عند حسن الظن والانتظار بل إنك كنت في القمة منهما وبلا منازع.

alhabibalhamdouni@yahoo.fr

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire